فلسطين تطلق “EduPro” أول منصة تعليمية بالذكاء الاصطناعي بنموذج محلي

بوابة اقتصاد فلسطين
في خطوة تمثل تحولًا نوعيًا في مستقبل التعليم الفلسطيني، أُطلقت اليوم في رام الله منصة “EduPro”، أول منصة تعليمية فلسطينية وشرق أوسطية تعمل بنظام ذكاء اصطناعي محلي بالكامل، وذلك ضمن فعاليات المنتدى الوطني العاشر للإبداع تحت شعار “من الوطن إلى العالم”.
طوّرت المنصة شركة ABA Agency بقيادة الشريك المؤسس سامر البيتاوي، وفريق من المبرمجين والخبراء الفلسطينيين، لتقدّم نموذجًا تقنيًا رائدًا يهدف إلى إعادة بناء النظام التعليمي رقمياً في ظل التحديات التي تواجه التعليم في فلسطين — من تدمير البنية التحتية، إلى صعوبة الوصول للمدارس، والأوضاع الاقتصادية الصعبة.
منظومة تعليمية رقمية لخدمة ست فئات
أوضح البيتاوي أن “EduPro” أصبحت جاهزة للعمل فعليًا، وتخدم ستة مستفيدين رئيسيين في منظومة تعليمية متكاملة: الطالب، ولي الأمر، المعلم، المدرسة، المديرية، والوزارة.
ويحصل الطالب من الصف الرابع حتى الثانوية العامة على تجربة تعلم تفاعلية تشمل جميع المواد الدراسية، مع معلم افتراضي ذكي قادر على حل المعادلات المعقدة وتقديم إجابات فورية، إضافة إلى اختبارات تقييمية ذكية تُولّد أسئلة جديدة تلقائيًا مع تحليل فوري للأداء.
أما ولي الأمر، فيمكنه متابعة أداء أبنائه عبر لوحات تحكم تحليلية تفاعلية، والتواصل مع الذكاء الاصطناعي للحصول على توصيات تربوية وسلوكية مبنية على بيانات دقيقة.
في المقابل، يتيح النظام للمعلمين أدوات رقمية متقدمة لتحضير الدروس، وتنظيم الصفوف، وتحليل مستويات الطلبة بشكل لحظي.
كما تتيح المنصة للإدارات التعليمية — من المدرسة حتى الوزارة — مراقبة الأداء العام وتحديد مكامن الضعف والفرص، عبر تحليلات ذكية شاملة تدعم اتخاذ القرار المستند إلى البيانات.
“المجتمع” — خاصية ذكية للتعلّم التعاوني
تضم المنصة ميزة فريدة تسمى “المجتمع”، تتيح للطلبة من مختلف المناطق التواصل وتبادل المعرفة والخبرات ضمن بيئة رقمية آمنة، بينما يقوم الذكاء الاصطناعي بتحليل التفاعلات والمحتوى لاستخلاص توصيات تعليمية ذكية تعزز أساليب التعلّم النشط والتعاون الجماعي.
تبنٍ وطني ورؤية مستقبلية
أعلن المجلس الأعلى للإبداع والتميّز، الجهة المنظمة للمنتدى، عن تبنّيه الرسمي للمنصة محليًا ودوليًا ضمن مشاريعه الريادية.
وأكد المهندس عدنان سمارة، رئيس المجلس ومستشار الرئيس لشؤون الإبداع، خلال حفل الإطلاق أن المشروع يمثل “شهادة جديدة على قدرة العقل الفلسطيني على الإبداع والإنتاج رغم قسوة الظروف”.
وقد حظيت المنصة بإشادة واسعة من الحضور في قطاعات التعليم والتكنولوجيا، الذين رأوا فيها تحولًا استراتيجيًا نحو التعليم الذكي والسيادة الرقمية.
منصة جاهزة للاستخدام الفوري
بخلاف كثير من المشاريع التقنية، أُطلقت “EduPro” وهي جاهزة تمامًا للتشغيل الفعلي، حيث يمكن للطلاب التسجيل عبر الموقع الإلكتروني www.edupro.ps والبدء في استخدام خدماتها مجانًا خلال الفترة الحالية، على أن تمتد هذه المجانية إلى طلاب ومعلمي قطاع غزة لعام دراسي إضافي.
تشمل المنصة معلمًا افتراضيًا متعدد التخصصات لحل المسائل والإجابة على الأسئلة وامتحانات تقييمية ذكية متجددة الأسئلة والتصحيح، ولوحات تحكم شاملة تربط بين الطالب والمعلم والأسرة والإدارة.
استقلالية تقنية وسيادة رقمية
تعتمد المنصة على نموذج ذكاء اصطناعي فلسطيني خالص يعمل على خوادم محلية، ما يضمن سيادة كاملة على البيانات وحماية خصوصية المستخدمين بعيدًا عن النماذج العالمية الجاهزة.
ويؤكد البيتاوي أن الهدف لا يقتصر على التقنية بل يتجاوزها إلى تمكين الإنسان الفلسطيني، والحفاظ على التراث التعليمي والثقافي عبر السيطرة على المحتوى الذي ينتجه النموذج ويحتفظ به محليًا.
كما يشدد على أن أمن المعلومات وحماية البيانات يمثلان ركيزة أساسية في تصميم المنصة، ما يجعلها مشروعًا وطنيًا استراتيجيًا يحمي الهوية الفلسطينية ويحافظ على استقلال القرار الرقمي للأجيال القادمة.
نحو شراكات تطويرية مستقبلية
من المقرر أن تُعرض المنصة خلال الأيام المقبلة على المؤسسات التعليمية بالتعاون مع المجلس الأعلى للإبداع، لفتح باب النقاش حول فرص تطويرها وتوسيع نطاق استخدامها ضمن النظام التعليمي الفلسطيني والعربي.
رسالة أمل وصمود
يمثل إطلاق “EduPro” رمزًا لقدرة فلسطين على تحويل المحنة إلى منحة، عبر ابتكار حلول تعليمية ذكية تخدم الإنسان قبل التكنولوجيا، وتؤكد أن الإبداع الفلسطيني لا تحده الحرب ولا الحصار.
مشروعٌ تقني بروح وطنية، يضع فلسطين في قلب ثورة الذكاء الاصطناعي العالمية.